Details
Nothing to say, yet
Details
Nothing to say, yet
Comment
Nothing to say, yet
منزلة محاسبة وهذه المنازل الأربعة، اليقظة والفكرة والبصيرة والعزم هي لسائر المنازل كالأساس للبنيان وعليها مضار منازل السفر إلى الله تعالى ولا يتصور السفر إليه بدون نزولها آل بتة وهي على ترتيب السير الحسي فإن المقيم في بطنه لا يتأتى منه السفر حتى يستيقظ من غفلته عن السفر ثم يتبصر في أمر سفره وخطره وما فيه من المنفعة والمصلحة ثم يفكر في أمدة السفر والتزود وإعداد عدة ثم يعزم عليه فإذا عزم عليه وأجمع قصده انتقل إلى منزلة المحاسبة ويتميز بين ما له وعليه فيستصحب ما له ويؤدي ما عليه لأنه مسافر سفر من لا يعود وقد دل على المحاسبة قوله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهِ وَلْتَنْظُرُ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ومن أركان المحاسبة أن تقايث بين ما من الله وما منك فحينئذ يظهر لك التفاوت وتعلم أنه ليس إلا عفوه ورحمته أو الهلاك والعطب وفي هذه المقايثة تعلم أن الرب رب والعبد عبد وتتبين لك حقيقة أهالنفس وصفاتها وعظمة جلال الربوبية وتفرم الرب بالكمال والإفضال وأن كل نعمة منه فضل وكل نقمة منه عدل وأنت قبل هذه المقايثة جاهل بحقيقة نفسك وبربوبية فاطرها وخالقها فإذا قايست ظهر لك أنها منبع كل شر وأساس كل نقص وأن حدها الجاهلة الظالمة وأنه لولا فضل الله ورحمته بتذكيته لها ما ذكت آبدا ولولا هداه ما اهتدت ولولا إرشاده وتوفيقه لما كان لها وصول إلى خير آلبدا وتتوقف المحاسبة على سوء الظن بالنفس لأن حسن الظن بالنفس يمنع من كمال التختيش ويلبس عليه فيرى المساوئة محاسن والعيوب كمالا ويضل عبد بطاعته دليل على حسن ظنه بنفسه وجهله بحقوق العودية وعدم علمه بما يستحقه الرب عز وجل ويليق أن يعامل به وحاصل ذلك أن جهله بنفسه وصفاتها وآفاتها وعيوب عمله وجهله بربه وحقوقه وما ينبغي أن يعامل به يتولد منهما رضاه بطاعته وإحسان ظنه به ويتولد من ذلك من العجب والكبر والآفات ما هو أكبر من الكذائر الظاهرة من الذنى وشرب الخمر والفرار من الزحف ونحوها فالرضى بالطاعة من رعونات النفس وحماقتها وأرباب العزائم والبصائر أشد ما يكونون استغفارا عقيد الطاعات لشهودهم تقصيرهم فيها وترك القيام لله بها كما يليق بجلاله وكبريائه وأنه لولا الأمر لم أقدم أحدهم على مثل هذه العبودية ولا رضيها لسيده وقد أمر الله تعالى وفده وحجاج بيته بأن يستغفروه عقيد إصادتهم من عرفات وهو أجل المواقف وأفضلها فقال فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام واذكرون كما هداكم وإن كنتم من قبلي لمن الضالين ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم وقال تعالى والمستغفرين بالأسحار قال الحسن رحمه الله مدوا الصلاة إلى السحر ثم جلسوا يستغفرون الله عز وجل ولله ضر الشيخ أبي يزيد حيث يقول من تحقق بالعبودية نظر أفعاله بعين الرياء وأحواله بعين الدعوى وأقواله بعين الافتراء وكلما عظم المطلوب في قلبك صغرت عندك وتضاهلت القيمة التي تبذلها في تحصيله وكلما شهدت حقيقة الربوبية وحقيقة العبودية وعرفت الله وعرفت النفس تبين لك أن ما معك من البضاعة لا يصلح للملك الحق ولو جئت بعمل الثقلين خشيت عاقبته وإنما يقبله بكرمه وجوده وتفضله ويثيبك عليه أيضا بكرمه وجوده وتفضله واعلم أن تعييرك لأخيك بذنبك أعظم إثما من ذنبه وأشد من معصيته لما فيه من صولة الطاعة وتزكية النفس وشكرها والمنادات عليها بالبراءة من الذنب وأن أخاك هو الذي باء به ولعل قرصرته بذنبه وما أحدث له من الدلة والخضوع والإزراء على نفسه والتخلص من مرض الدعوى والكب والعجب ووقوفه بين يده الله ناكس الرأس خاشع الطرف منكثر القلب أنفع له وخير له من صولة طاعته وتكسرك بها والإعتداد بها والمنة على الله تعالى وخلقه بها فما أقرب هذا العاص من رحمة الله وما أقرب هذا المذل من مقت الله فذنب تذل به لديه أحب إليه من طاعة تدل بها عليه وإنك أن تبيت نائما وتصبح نادما خير من أن تبيت قائما وتصبح معجفا فإن المعجب لا يصعد له عمل وإنك أن تضحك وأنت معترف خير من أن تبكي وأنت مدل وأمين المذنبين أحب إليه من زجل مسبحين المدلين ولعل الله أسقاه بهذا الذنب دواء استخرج به داء قاتلا وفيك ولا تشعر